كتبت: جيهان سرور
كثيرًا ما تُطلّ عليَّ صورٌ لمرافئ البحر، أو جنانٍ خضراء، أو أماكن يفيض جمالها حتى يكاد يُغري القلب بالخلود إليها، وتحتها سؤالٌ يتكرر:
“أتستطيع أن تحيا هنا وحدك عامًا كاملًا، بلا إنترنت، بلا بشر؟”
أقرأ التعليقات؛ فأراها تتسابق بالحماسة: “نعم، يا ليت!”، فأبتسم بمرارةٍ وأهمس لنفسي: أما أنا… فلا أطيق.
جربتُ أن أتخيّل المشهد: السماء تمسحني بزرقتها، والبحر يمدّ لي ذراعيه، والهواء ينساب في رئتيَّ نقيًّا… في البدء يبدو الأمر جنّة، لكن شيئًا فشيئًا يتحوّل البهاء إلى صمتٍ قاسٍ، ويتحوّل الهدوء إلى فراغٍ يثقل الروح.
الجمال بلا مشاركة يفقد صوته، والضحكة إن لم تجد صدىً تموت في الحلق، والعين إن لم تلتقِ عينًا أخرى يذبل بريقها.
أدركت حينها أنّ السجن ليس جدرانًا عالية ولا قضبانًا باردة، بل قد يكون بحرًا واسعًا أو غابة وارفة، لكنك فيه وحيد. السجن أن تُحرم من الدفء الإنساني، من كلمةٍ تجيبك، من عينٍ تفهمك.
فما نفع الجمال إن ظللنا أسرى خلف قضبان العزلة؟
إنه سجنٌ ملوَّن… سقفه سماء، وجدرانه أشجار، وأرضه أمواج… لكنه سجنٌ على كل حال.
#_شوية_فضفضة