أخر الاخبار

"في قلوبهم... هنا تكمن أهميتي"

 

كتبت: جيهان سرور

منذ زمن ليس بالبعيد، التقيت تلك السيدة التي لا يخفى عليّ ما تكنّه في أعماقها نحوي من مشاعر الكره والحقد، مشاعر لم تتورّع يومًا عن التصريح بها علنًا، بكل وقاحةٍ واستخفاف. وفي تلك الجلسة، وبينما كان أحد الحاضرين يسألني عن ظهوري التلفزيوني وخطواتي القادمة، باغتتني هي، كعادتها، بكلمات مسمومة مغلّفة بنبرةٍ تنضح بالغلّ:
"هتبقي مهمة يا..."

لكنني، ولأول مرة في حياتي، لم أرتبك، لم أخف، لم أتراجع كما كنت أفعل من قبل. بل وجدت صوتي يخرج بهدوء مدهش وثقة غير معهودة:
"أنا مهمة من زمان."

رأيت الصدمة ترتسم على وجهها، وأنفاسها تختنق بنارٍ اشتعلت في صدرها. وفي تلك اللحظة، شعرت بانتصار عظيم، شعور لم أعرفه طيلة عشرين عامًا من التعامل معها. شعرت بكياني ينهض، بكبريائي يستعيد صوته، وبزهوي بنفسي يُولد من جديد.

لقد ظنّت أن "الأهمية" تُقاس بالشهرة، بالألقاب، بالمناصب اللامعة، وأن قيمتي تُحدَّد بظهوري على الشاشات أو ما أحققه من إنجازات في العلن. لكنها كانت تجهل الحقيقة الأسمى، الحقيقة التي قلتها بهدوء لكن بثقلِ يقينٍ عميق.

كنت أتحدث عن أهميةٍ لا تُقاس بالأضواء، بل بالمحبة. عن قيمتي في قلب أبي وأمي، في حضن إخوتي، في لحظة احتضان أولادي حين جاؤوا إلى الحياة من رحمي، في نظرة الأمان التي أراها في أعينهم حين أكون بقربهم.
أهميتي لا تتجلى في لقبٍ أو مركز، بل في روحٍ أحبّت بصدق، وفي قلوبٍ وجدت فيها وطنًا.

من قال إن "الشخص المهم" هو من يتقلّد المناصب أو يجلس تحت الأضواء؟
هذه أوهام الحاقدين، أولئك الذين لم يعرفوا الحب النقي، فراحوا يلهثون خلف ما يلمع، وظنوا أن القيمة تكمن في المال والمكانة.

أما الحقيقة، فهي أن الأهمية الحقيقية تسكن القلوب، لا الكراسي.
وتُقاس بالمحبة، لا بالشهرة.
وهذا هو المقام الرفيع... الذي لا يبلغه إلا من سكنت روحه سماء الكبار.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-