لك الله يا مصر
لك الله يا مصر
بالأمس ذهبت مع صديقاتي الى مطعم في وسط البلد.. هو مطعم يقدم الأكلات الشعبية فكانت جلستنا في الشارع وسط المارة والسيارات.
وبغض النظر عن سوء جودة الطعام والخدمة وتدهور مستوى المكان، فان هذا لم يلفت انتباهي بقدر ما التفت الى أحوال الشارع من حولي.
معظم المارة يهيمون على وجوههم، تشعر بأنهم في حالة قصوى من الضياع.. فقط يسيرون دون التوجه الى مكان محدد.
الكثير والكثير من السائلين والذين لا يكتفون فقط بالسؤال الشفهي لمساعدتهم، ولكن الأمر الآن تطور الى دق على زجاج نافذة السيارة والصراخ بأنك طالما تركب سيارة فمن حقي عليك أن تعطني مالا لأشتري بعض الطعام.
عدد السيدات اللاتي يطلبن المساعدة يفوق في رأيي عدد الرجال، والكثيرات منهن تحمل أطفال رضع وتظل تلف من شارع الى شارع.
لم يقصر أصحاب المطعم في إعطاء المأكولات للعديد من المارة السائلين ولشدة ذهولي كان السائل يأخذ المتاح له من الطعام دون حتى النطق بكلمة شكر بسيطة.. وكأن المشاعر انعدمت وقت حلول الجوع.
الشارع محوري جدا ومليء بالمحال التجارية وعلى الرغم من ذلك فان القمامة تعبث بالمكان عبثا.. فلا يوجد أي إحساس بالانتماء لمكان يجب تنظيفه في حال ما قصرت الدولة قليلا في تواجد عمال النظافة.
العبوس سمة عامة على كل الوجوه.. لا أحد يبتسم.. لا أحد يقول كلمة طيبة.. الكل شارد في أمور حياتية يومية بسيطة تحولت الى لأعباء جسيمة تحت ضغط غلاء الأسعار.
أكاد أجزم أني رأيت بأم عيني سحابا شفافا أسود اللون فوق رؤوس المارة في الطريق.. انه الحزن الذي عشش في قلوب الناس بسبب ظروف صعبة وتزداد صعوبة يوما بعد يوم.
أعلم أن تلك أحوال الطريق منذ فترة قد تكون طويلة.. ولكني أشعر أن الحال يزداد بؤسا في طلعة كل شمس حين يبدأ التفكير في تدبير أمور الحياة الأساسية من مأكل ومشرب وعلاج.
أفكر كثيرا في مردود هذا الوضع الصعب على محيطي والذي يعتبر من طبقة اجتماعية فوق المتوسطة.. فما بال معاناة الأخرين من الطبقات الأدنى.
لا حل لدي ولا اقتراحات.. فقط استمرار المساعدة على قدر الاستطاعة.. مساعدة متعففي النفس ومن يساعدونا في أمور المعيشة.. مساعدة الحالات التي تأتي عن طريق معارف نثق في حكمهم على البشر.. مساعدة من لا يطلب صراحة.. فما أكثر من تعفه نفسه عن أن يسأل وقد يغلق عليه بابه دون أن يعلم غيره عنه شيئا.
وفي النهاية.. أعلم أن تدهور الوضع الاقتصادي شأن عالمي.. وأن الغلاء سمة عامة في معظم بلدان العالم.. ولكن أن يصل الأمر لعدم المقدرة حتى على شراء قوت اليوم فهذا مبالغ فيه لدولة بحجم مصر بثرواتها ومواردها وأصولها البشرية.
ولك الله يا مصر.. ولنا الله معك.